250 مليار دولار استثمارات خليجية تنتظر عودة الهدوء لمصر وتونس وليبيا
الرياض: قدر خبراء حجم الاستثمارات الخليجية في كل من مصر وتونس وليبيا بنحو 250 مليار دولار، مستبعدين خروج هذه الاستثمارات خلال الفترة المقبلة على خلفية التطورات السياسية التي تشهدها هذه البلدان خلال الفترة الحالية.
وعلل الخبراء ذلك نظرا لكون هذه الأسواق من أنشط الأسواق العربية على المدى البعيد، ما يعنى استبعاد مخاطرة تلك الشركات بالخروج من هذه الأسواق خلال الفترة الراهنة.
ووفقا لما ذكرته صحيفة "الاقتصادية" السعودية توقع الخبراء أن تسود تلك الاستثمارات حالة من الهدوء خلال الفترة الحالية انتظاراً لما ستؤول إليه الحياة السياسية في مصر وتونس، ولكن القائمين عليها سيستكملون مشاريعهم في ظل وعود رسمية بتسهيل عمليات الحصول على أراضٍ وزيادة التسهيلات في الحصول على الرخص وغيرهما.
وكانت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية قد أكدت أنها لا تفكر حاليا في تسييل استثماراتها في الدول العربية بسبب الأحداث التي تجتاح بعضها، موضحة إن استثماراتها في المنطقة العربية وشمال إفريقيا طويلة الأجل، وأنها تقيّمها من وقت لآخر، لكن ذلك لا يعني الخروج منها.
مصر
في مصر، تأتي المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول العربية من حيث حجم استثماراتها في مصر، حيث يمتلك السعوديون 20 مليار جنيه حتى عام 2009 مساهمة في رأسمال 2244 شركة، موزعة على القطاعات الصناعية 24%، السياحة 10%، الخدمات المالية 27%، وتلي ذلك مجالات الزراعة والمقاولات والخدمات الصحية.
كما يحتل السعوديون المركز الأول بين السياح العرب إلى مصر بأكثر من 400 ألف سائح سنوياً، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد السياح الخليجيين إلى مصر يتزايد بنسبة 10% سنوياً، وهو ضعف المعدل الدولي المتعارف عليه عالمياً المقدر بـ5%.
وكما تشير التقارير الصادرة من وزارة القوى العاملة والتدريب في جمهورية مصر العربية، فإن أكثر من سبعة ملايين مصري يعملون في الخارج، وأن معظم هذه النسبة تعمل داخل دول الخليج وبالذات في السعودية. وبذلك فإن القوى العاملة المصرية في دول الخليج تمثل رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد الوطني المصري في الخارج، حيث تقدر قيمة تحويلات هذه العمالة بأكثر من أربعة مليارات دولار.
وبالنسبة للإمارات والتى جاءت في المرتبة الثانية كأكبر دولة عربية مستثمرة في مصر بقيمة 19.3 مليار جنيه ، كما بلغ عدد المشروعات الإماراتية في مصر 452 مشروعا، منها 138 مشروعا في قطاع الخدمات، و92 مشروعا في الصناعة، و67 مشروعا في الإنشاءات.
وفي عام 2006، احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى للدول المستثمرة في مصر بعد فوز تحالف شركة اتصالات الإمارات برخصة الهاتف النقال الثالثة في مصر، وتُعد دولة الكويت ثالث أكبر مستثمر عربي والخامس على مستوى العالم في مصر، حيث تجاوزت قيمة رأس المال الكويتي المدفوع وفقاً لإحصائيات وزارة الاستثمار المصرية نحو 12.27 مليار جنيه مصري في 532 شركة، تبلغ قيمة رأس المال المعلن عنها نحو 28.5 مليار جنيه في مايو 2009.
وتستثمر الكويت بالدرجة الأولى في الخدمات والصناعة والإنشاءات ثم المجال السياحي ثم مجال التمويل والاتصالات والمعلومات.
تونس
وبالنسبة لاستثمارات الخليجية في تونس، فقد بلغ حجم رؤوس الأموال الخليجية التي تدفقت على تونس في غضون السنوات القليلة الماضية نحو 50 مليار دولار، وهو ما يعني أن الاستثمارات الخليجية في تونس، زادت نسبتها بنحو 53% خلال السنوات الخمس المنقضية.
وبدأت المجموعات الكبرى في دول الخليج، تهتم بتونس للاستثمار في قطاعات واعدة، مثل الاتصالات والخدمات المالية والسياحة. على أن العامين الماضيين، كانا عامي الاستثمارات الإماراتية بامتياز. ففي هذا الظرف الزمني الوجيز، قلب الإماراتيون معطيات الاستثمار لصالحهم، وباتوا أكبر مستثمر أجنبي في تونس، بعد أن كان الأوروبيون، وتحديداً الفرنسيين، الشريك التجاري الأول لتونس، وأكبر مستثمر فيها على امتداد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. وشملت طفرة الاستثمارات الإماراتية في تونس، مشاريع ضخمة في عدة قطاعات، فاق حجمها إلى حد الآن 30 مليار دولار.
فقد فازت شركة تيكوم ـــــ ديغ التابعة لشركة دبى القابضة بأكبر عملية خصخصة في تونس، عبر عرض بلغ 3.5 مليارات دينار لشراء 35% من رأسمال اتصالات تونس.
وأعلنت مجموعة بوخاطر مشروع ضخم هو الأول من نوعه في تونس، ويتمثل في إنشاء مدينة سكنية وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية، وهى أرقى المنتجعات السكنية والتجارية للعاصمة التونسية.
كما أعلنت شركة دبي القابضة العمل بمحفظة 300 مليون دولار للاستثمار في الأسواق التونسية، من خلال الشركات الموجودة، أو من خلال الدخول في سوق الأسهم التونسية وإنشاء شركات جديدة.
وأعلنت شركة إعمار العقارية عام 2007 خطتها الاستثمارية في تونس، التى تهدف إلى تطوير مشروع مارينا القصور على الساحل الشرقي التونسي، وذلك بكلفة إجمالية تصل إلى 1.88 مليار دولار.
كما قام كل من الحكومة التونسية وبيت التمويل الخليجي في أكتوبر 2010 بتدشين أول مركز مالي في منطقة شمال إفريقيا لخدمات الوحدات المصرفية الخارجية (الأوفشور)، وذلك ضمن مرفأ تونس المالي، المشروع المتعدد الاستخدامات الذي يحتل موقعا متميزا على شاطئ البحر، بتكلفة قدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي؛ حيث سيكون بمنزلة البنية الأساسية الفعلية للمركز المالي للوحدات المصرفية الخارجية (الأوفشور) المعتزم تنفيذه.
ليبيا
وفي ليبيا، صنف الاستثمار الخليجي من الاستثمارات الرائدة التي تركت لها بصمة واضحة على الكثير من المناطق الاستراتيجية الليبية خاصة تلك المطلة على البحر الأبيض المتوسط التي تعد من المناطق السياحية المتميزة التي تجد إقبالا كبيراً عليها.
كما لمعت المشاريع الخليجية بدقة التصميم والتوجه إلى المشاريع العقارية المتكاملة كالمنتجعات السياحية والمناطق السكنية وتطوير العديد من المشروعات المهمة التي تختص بالطاقة والتعليم وغيرهما من المجالات الأخرى لترتفع بذلك قيمة الاستثمارات الخليجية في طرابلس إلى أكثر من 100 مليار دولار، محققة انتعاشاً عقارياً قدر بنسبة 70%.
وقدر حجم الاستثمارات الإماراتية في ليبيا بنحو 20 مليار دولار كشركة تعمير وإعمار دبي القابضة ومشروعها العقاري؛ حيث صنف كأكبر استثمار عقاري عربي حتى الآن، كذلك مشروع منطقة الوادي الشرقي في طرابلس، وهو عبارة عن مشروع تجاري وسكني متكامل يحتوي على أهم المرافق السياحية والعلاجية والترفيهية والحدائق والملاعب إلى جانب مجمعات التسوق، وهناك مشروع لشركة إعمار العقارية الإماراتية لتطوير منطقة ليبية متكاملة وهي (زوارة ـــــ أبو كماش) من جميع الضرورات الحياتية ووسائل الترفيه المعروفة.
كما تم تأسيس شركة استثمارية ليبية عمانية قابضة برأس مال يبلغ نحو خمسمائة مليون دولار، وذلك في أعقاب زيارة السلطان قابوس إلى ليبيا عام 2008، بوصفها نواة للاستثمار بين البلدين ومقرها طرابلس، مشيرا إلى أن هناك مشاريع أخرى في البنية التحتية في ليبيا.
غير أن ليبيا تعد أيضا مصدرة لرؤوس الأموال إلى دول الخليج، خاصة في القطاع المالي، حيث قالت المؤسسة العربية المصرفية مؤخرا إن ليبيا اشترت حصة صندوق الثروة السيادي أبوظبي في المؤسسة لتصل حصتها في ثاني أكبر بنك في البحرين إلى نحو 60%.